Feeds:
المقالات
التعليقات

Posts Tagged ‘الخط الديواني’

جزء من بحث قُدِم في مقرّر “الأدب والفنون” بإشراف د.جوزف طانيوس لبّس- الفصل السادس أدبي في إجازة اللّغة العربيّة وآدابها

الجامعة اللبنانيّة – الفرع الأول الأونيسكو

يُعتبر الخط العربي أحد أبرز مظاهر العبقريّة الفنيّة عند العرب، فهو الوسيلة التي حفظ بها العرب تراثهم العريق، وبه كُتِب القرآن الكريم، والحديث الشريف، والحكم والمواعظ، والأشعار. فتفنّن العرب بابتكار الصفات والألقاب للخط العربي، حيث وصفه الخطّاط ياقوت المستعصمي[1] بأنّه هندسة روحانيّة تمّت بآلة جسديّة. واعتبره البعض تذكارًا لرفاهيّة روحيّة عميقة نابعة من نفس صافية تواجه العصر المضطرب والشائك في كثير من جوانبه.

إنَّ فن الخط هو فن خصوصي، وإبداع متفرّد للعرب فهم لم يأخذوه عن غيرهم، بل وضعوه بأنفسهم، وصاغوا قواعده، وبلوروا طرزه الفنيّة[2]. ونشأ الخط، أساسًا، كفن في البلاط واستجاب إلى حاجات الدولة (الدواوين، نسخ القرآن، نسخ المؤلفات…) قبل مكابدات ومجاهدات المتصوّفة. فأضحى فنًّا مقدَّسًا، رسميًّا، تمازج فيه الدين بالدولة، والروحاني بالزمني، والفنيّ بالحرفي[3].

تعدّدت الخطوط ومن أشهرها الكوفي، والثلث، والنسخ، والفارسي، والديواني، والرقعة.

  • الخط الكوفي:

هو خط عربي قديم، ظهر ونشأ في الكوفة ومن هنا جاءت تسميته بالكوفي. هو أقدم الخطوط العربيّة وأعرقها على الإطلاق . نشأ هذا الخط واعْتُمد في عهد الخلفاء الراشدين لحاجة المسلمين لتدوين القرآن الكريم. هو خط يابس هندسي زخرفي يحتاج إلى دقة ودراية، اسْتُخدم في كتابة المصحف بشكل خاص وفي النقش على جدران المساجد والقصور وغيرها من خوالد فن العمارة الإسلاميّة. يقوم هذا الخط على إمالة في الألفات واللامات نحو اليمين قليلًا، وهو خط غير منقّط. للخط الكوفي أنواع عدّة تختلف بأساليب الزينة والزخرفة المتّبعة فيه، فمن إلحاق الزخارف التي تشبه أوراق الأشجار في الكوفي المورّق، إلى تزيين تلك الأوراق بالأزهار في الكوفي المزهّر أو المخمل، إلى ترابط حروفه مع بعضها في تداخل وتشابك في الكوفي المضفّر، إلى حد الاستعانة في رسمه للحروف بأجزاء من جسم الإنسان ورسوم بعض الحيوانات للدلالة على حروف معيّنة في الكوفي المشجّر[4].

الخط الكوفي 2

  • خط الثلث:

يُعتبر خط الثلث من أروع الخطوط منظرًا وجمالًا وأصعبها كتابةً وإتقانًا. هو الميزان الذي يوزن به إبداع الخطاط فهو لا يُعتبر فنانًا ما لم يُتقنه لأن إتقانه يُسهّل إتقان أنواع الخطوط الأخرى، ومن لا يُتقنه لا يُعدّ خطاطًّا مهما أجاد. يمتاز خط الثلث عن غيره بكثرة المرونة إذ تتعدّد أشكال معظم الحروف فيه، ويُطمس أحيانًا شكل الميم للتجميل. يُعتبر ابن مقلة[5] المتوفى سنة 328 ه، واضع قواعد هذا الخط من نقط ومقاييس وأبعاد، وجاء بعده ابن البواب علي بن هلال البغدادي[6] المتوفى سنة 413 ه، فأرسى قواعد هذا الخط وهذّبه ، وأجاد في تراكيبه، ولكنه لم يتدخل في القواعد التي ذكرها ابن مقلة من قبله. استعمل الخطّاطون خط الثلث في تزيين المساجد، والمحاريب[7]، والقباب، وبدايات المصاحف. واستعمله الأدباء والعلماء في خط عنواين الكتب وأسماء الصحف والمجلات، وبطاقات الأفراح والتعزية، وذلك لجماله واحتماله الحركات الكثيرة في التشكيل[8].

الحب من شيم الكرام-عثمان اوزاجي

  • خط النسخ (النسخي):

أول من وضع قواعده ابن مقلة أوائل القرن الرابع الهجري وأخذه عن خط الجليل والطومار[9] وهو أسهل من الثلث. ازدهر هذا الخط في عصر الأتابكة[10] (545 ه-1150م) وكان الخط المعتمد في كتابة المصاحف بعد أن توقف الخط الكوفي. هو من الخطوط العربية الجميلة ويجمع بين الرصانة والبساطة والوضوح، وكما يدلّ اسمه فقد كان يستخدمه النساخون في نسخ الكتب. طوّر المحدثون خط النسخ للمطابع والآلات الكاتبة والحاسوب، وسمّوه “الخط الصحفي” لكتابة الصحف اليوميّة به[11].

خط النسخ-اياك نعبد

  • الخط الفارسي:

ظهر الخط الفارسي في بلاد فارس كما يدلّ اسمه وذلك في القرن السابع الهجري. يمتاز هذا الخط بالسهولة والوضوح والرشاقة في حروفه فتبدو وكأنّها تنحدر في اتجاه واحد، وتزيد من جماله الخطوط الليّنة والمدوّرة فيه لأنّها أطوع في الرسم وأكثر مرونة لا سيما إذا رُسمت بدقة وأناقة وحسن توزيع. كما يتميّز هذا الخط بالزخرفة وربط الكلمات لتأليف إطار أو خطوط منحنية ومُلتفة. وَضَع أصول هذا الخط وأبعاده الخطاط البارع الشهير مير علي الهراوي التبريزي[12]. وتجدر الإشارة إلى أنّ الفرس قبل الإسلام كتبوا بالخط “البهلوي” ولكنّهم انقلبوا عليه وأهملوه مع قدوم الإسلام وعملوا على تطوير الخط الفارسي واختراع خطوط أخرى هي بمثابة امتدادٍ له، نذكر منها: خط الشكستة (الخط المكسور)، الخط الفارسي المتناظر، الخط الفارسي المختزل، خط التعليق، خط النستعليق[13].

الخط الفارسي-الحليم العليم

  • الخط الديواني:

عُرِفَ هذا الخط بصفة رسميّة بعد فتح السلطان العثماني محمد الفاتح للقسطنطينيّة عام 857 ه، ويُقال إنّ أوّل من وضع قواعده وحدّد موازينه الخطاط إبراهيم منيف[14]. كان هذا الخط حصرًا على ديوان السلطان ثمّ انتشر وتنوّع، وكان يُستعمل في كتابة الأوسمة والنياشين والتعيينات ولهذا سُمِّي بالديواني نسبةً إلى الدواوين الحكوميّة. تميّز هذا الخط بالتعقيد وازدحام كلماته وأسطره ازدحامًا لا يسمح بإضافة أي حرف أو كلمة إليها، وذلك منعًا من تغيير النص في الأوراق الرسميّة. يُعتبر الخط الديواني خط التمايل والتراقص والتناغم فهو أكثر الأنواع طواعية للتركيب بسبب المرونة الشديدة في حروفه، وشدّة استدارتها، وسهولة تطويرها. فمثلًا لحرف الألف مميزات كثيرة من حيث اتصاله باللام وتكوين شكل حلزوني جميل. تفرّع الخط الديواني إلى نوعين: الديواني العاديّ، وهو خالٍ من الزخرفة والديواني الجلي، وتكثر فيه العلامات الزخرفيّة لملء الفراغات بين الحروف[15].

الخط الديواني-ان الله وان اليه راجعون

  • خط الرقعة:

عند دراستنا لنشأة وانتشار هذا الخط، نَلْحظ وجود خط الرقعة الأوّل وخط الرقعة الحديث. خط الرقعة الأوّل هو خط عربي عملي اخْتُرِع ليُستخدم في الأغراض التحريريّة والإداريّة وليس لكتابة القرآن. فكانت تُكتب به الرقاع أي الأوراق والرسائل ومن هنا جاءت تسميته وهو يختلف عن خط الرقعة المعروف بهذا الاسم في القرون المتأخّرة. هو خط ظهر في بلاد المشرق الإسلامي، وهو شبيه بالخط الكوفي إلّا أنّه ليس متطوّرًا عنه. قام بتجويد هذا الخط ابن مُقلة الأندلسي في القرن الرابع الهجري، ثمّ جاء بعده ابن البوّاب فثبّت قواعده وأصوله.

أمّا خط الرقعة الحديث فقد نشأ من خلال خطي النسخ والثلث. يُعتقد أنّ أوّل من طوّره واستخدمه الخطاط التركي محمد عزت أفندي. ثمّ وضع قواعده ومقاييسه الخطاط التركي أبو بكر ممتاز بن مصطفى أفندي في عهد السلطان عبد المجيد (عام 1280ه) مسمّيًا إيّاه خط همايون. يتميّز خط الرقعة بالسرعة في كتابته، والقوة والجمال في حروفه، وانعدام الاهتمام بالتشكيل باستثناء الآيات القرآنيّة. بشكل عام يميل القلم إلى الأسفل عند التحرّك من اليمين إلى اليسار في كتابته، وتُكتب جميع الحروف فوق السطر ما عدا الهاء الوسطيّة والجيم والحاء والخاء والعين والغين المنفصلات وميم آخر الكلمة[16].

خط الرقعة-فكر كثيرًا

  • الحروفيّة

  • تعريفها:

يمكننا تعريف الحروفيّة بأنّها استلهام الحرف العربي في الفن الحديث أو في اللوحة التشكيليّة[17] فهي تُشير إلى أعمال فنيّة تعاملت مع اللغة العربيّة، كحروف أو كنصوص، مثل “معطى” (أو مادة) بصري للتشكيل. هي ظاهرة عربيّة (وإيرانيّة)، أطلقها غير فنان عربيّ (وإيرانيّ) متأثّرا بتجربة بول كلي[18] وأقرانه من “الحروفيين الغربيين” طلبًا لعمل فني ذي مراجع “محليّة” وهويّة “حضاريّة”[19]. بدأت هذه الحركة أواخر الأربعينات وغمرت الشرق الأوسط بأكمله منذ السبعينات. أمّا سبب ظهورها فيعود بشكل أساسي إلى نكبة فلسطين عام 1948 والهزائم العربيّة التي أنتجت ردّات فعل من قبل الفنانين الذين يبحثون عن الأصالة في الفن ومزج التراث بالحداثة.

تعرّف الباحثة سيلفيا نايف[20] الحروفيّة بأنّها محاولة لخلق حداثة تغرق في المحلّي ولكنّها تندمج في نهاية المطاف بالتيارات الثقافيّة العالميّة في تلك الحقبة[21].

بول كلي 1
لوحة لـ”بول كلي” تحت عنوان عندما خرجت من رمادية الليل Once Emerged from the Gray of the Night
  • الحروفيّة العربيّة: ردّة فعل

يصف شربل داغر، في كتابه الحروفيّة العربيّة: فن وهويّة، الحروفيّة بأنّها ردّة فعل على الفن الغربي المتمثّل بلوحات الطبيعة الصامتة وصور التماثيل الإغريقيّة. فقد لجأ الحروفي إلى استلهام الحرف العربي وسيلةً للعودة إلى الأصل والتراث. وهكذا تكوّنت الحروفيّة ضمن حركة عامّة، لم تعد تكتفي بمحاكاة الفن الجديد الذي تعلمته ولا بالنزعة الاقتدائية بالتجربة الغربيّة، بل باتت “تحوّر” هذا الفن، واجدةً له “منابت محليّة”. إنّها “تبيئة” الفن الغربي في البلاد العربيّة، والسعي لانتاج لوحة “خصوصيّة”[22].

والحروفيّون، جماعة مرتبطة بتقاليد الخط العربيّ العريقة، وفي التأويل الشعبيّ والصوفيّ الذي يتحدث عن تأثير الحرف في مصائر الناس وعواطفهم وأحاسيسهم وعقولهم، لما يحمل من أبعاد إيحائية بصريّة ومضمونيّة كبيرة[23].

  • الرائد الأوّل:

يميل داغر إلى الاعتقاد بأنّ الفنانة العراقيّة مديحة عمر هي الرائدة الأولى في مجال الحروفيّة[24]. فقد عمدت منذ سنة 1944 إلى البحث الحروفي وقد فصّلت ذلك في بيانها الفني تحت عنوان الخط العربيّ عنصر استلهام في الفن التجريدي. اطّلعت في لندن وباريس على الاتجاهات الفنيّة الحديثة وشاهدت المعارض والمتاحف. درست مديحة عمر الفن في أميركا، وشاركت في المعارض التي تُقام هناك حتّى إنّها أقامت معرضًا فرديًّا لنتاجها التجديدي في الحروف العربيّة في مكتبة بيبودي George Peabody Library في جورج تاون بواشنطن[25].

صورة مديحة عمر
مديحة عمر
  • جماعة “البعد الواحد”:

تعتبر هذه الجماعة تتويجًا لظاهرة الحروفيّة العربيّة حيث تقدّم مجموعة من الحروفيين العراقيين بتجاربهم الفنيّة الخاصة. رغم أنّ الجماعة عراقيّة، إلّا أنَّ تأثيراتها الفنيّة ستمتد إلى خارج العراق خاصةً وأنَّ فنانيها قد صاحبوا أعمالهم ببيانات وكتابات نظرية وفنيّة عمّقت البحث الحروفي. هذه الجماعة هي في الأساس معرض فني ووثائقي جرى في بغداد في 1971، بعد أن ظهرت الفكرة، لأول مرة، في 1969؛ وهي فكرة تنظيم معرض عن تـأثير الحرف في الفن التشكيلي. ساهم في إنضاج هذا المشروع: جميل حمودي، ضياء العزاوي، رافع الناصري، عبد الرحمن الكيلاني محمد غني، وشاكر حسن آل سعيد الذي قام أيضًا باعداد كتاب خاص بهذه المناسبة.

المقصود بـ”البعد الواحد” هو اتّخاذ الحرف الكتابي نقطة انطلاق للوصول إلى معنى الخط كقيمة شكلية حرف[26]. والرجوع إلى بُعد للخط كانتماء إسلاميّ عروبي مناقض للبعد الثلاثي[27] في اللوحة الغربيّة[28]. شكّلت هذه الجماعة، أول مدرسة حديثة، اهتمت بإدخال الحرف العربيّ في عالم الفن التشكيلي المعاصر ووتطويعه فأبدعت مجموعة من الأعمال الفنيّة عربيّة السمة، إسلاميّة اليد واللسان، شرقيّة الهوى والنكهة[29].

  • نماذج حروفيّة:

للحروفيّة العربيّة ميدان تشكيلي يقوم على مبدأين أساسين:

  • القطيعة التّامة مع طرز(نمط) الخط العربي، والتعامل مع الحروف العربيّة كمادة للتشكيل.

  • بناء لوحة حديثة، ولكن بصيغة محوَّرة، مطوَّعة للتعبير عن خصوصية ثقافيّة أو حضاريّة.

جميل حمودي
لوحة لجميل حمودي

والحروفيّة تتوزّع على أكثر من فئة[30]:

  • اللوحة – الحرف:

يدرس الفنان القابليات التشكيليّة في الحرف الواحد لغايات زخرفيّة، تصميميّة أو تحليليّة. فالحرف هو مادة العمل، هو نقطة الانطلاق ونقطة الوصول، النواة والبنية.

عبد الله الحريري
لوحة للفنان المغربي عبد الله الحريري
  • اللوحة – العبارة:

أجمع علماء اللغة والحروفيون على أن العلامة اللغوية مبنى – معنى. فانقطع الحروفي عن الخط كطراز في الكتابة، لا عن معنى العبارة، وعن العبارة الدينيّة السامية لا عن العبارة المعبّرة. فعاد الحروفيون إلى النصوص الأدبية العربيّة، القديمة أو الحديثة، كموضوعات ومجالات عمل لنتاجاتهم الفنيّة.

ايتيل عدنان
دفتر مقتطفات ملوّنة بريشة إتيل عدنان من كتاب عن أمل لا شفاء منه (١٩٨٧) لفواز طرابلسي
  • اللوحة – الكتابة:

من الفنانين من يتصل باللغة العربية لجهة شكلها الكتابي وايقاعها الغرافيكي فوق المساحة التصويريّة.  فينتج أعمالًا فنيّة من الأشكال الكتابيّة، ولكن دون أن تؤدي أي معنى، إنّها أعمال كتابات غير مقروءة أبدًا، مرئية وحسب، تصبح الريشة فيها بمثابة القلم، وفق حركة في الكتابة – التلوين، نظاميّة وحرّة في آنٍ معًا.

نجا المهداوي
لوحة للفنان التونسي نجا المهداوي
  • اللوحة – النص:

تقوم على استعمال الحرف الكتابي بوصفه مادة للتشكيل، ولكن بين جملة مواد أخرى؛ وتنطلق من صيغته الغرافيكية، ولكن دون أن تتقيّد بها، فتحوّرها تمامًا أو تجرّدها. تستدعي اللوحة مفردات مستعملة، وتعطيها معاني سياقيّة جديدة لها. فالحروفي هنا يستمد من الكتابة الشكل التصويري والبناء التشكيلي لصورة الحرف والكلمة.

ضياء العزاوي
ضياء العزاوي (فنان عراقي): لوحة من مجموعة المعلقات السبع
  • الخطّاطون التشكيليون:

يقوم الخطّاطون التشكيليون بالعودة إلى الآية القرآنية غالبًا، وإلى الأمثال والشعارات أحيانًا كمادة لأعمالهم الفنيّة. تُكتب العبارة كاملة، دون اجتزاء، بشكل يقرب إلى الجلاء والوضوح، وفق أحد الخطوط المعروفة، ولكن على قدر من التأليف والحريّة في التشكيل، أي التلاعب بالمدّات والاستدارات، وبالتداخلات بين الأحجام والكتل الحروفيّة، مع استعمال الألوان بصورة محدودة.

نذكر من الخطاطين التشكيلين: وجيه نحلة (في بداياته خاصة)، عثمان وقيع الله، أحمد شبرين، محمد سعيد الصكار، حسن المسعودي، عبد الغني العاني، سامي مكارم، عارف الريس وغيرهم. إنّهم خطاطون أكثر منهم رسّامون، يحاولون اكتشاف الطاقات التشكيلية في طراز الخط العربي[31].

كل من في الكون يرويه الهوى وانا اسقى واقضي عطشا-نظم وخط سامي مكارم
كل من في الكون يرويه الهوى وأنا اسقى وأقضي عطشا نظم وخط سامي مكارم

– بين الخطاط والحروفيّ:

يعتقد الفنان التشكيليّ الحروفيّ أنّه قد جمع في منجزه البصري طرفي المعادلة: التراث والمعاصرة. فلقد استلهم الخط في لوحة تحاكي الزمن الحاضر. أمّا الخطاط العربي الحديث فينفي ارتباط عمل الحروفيّ بالخط العربيّ لأنه لم يتّبع فيه القواعد المعروفة لهذا الخط، إنّما استفاد بشكل من الأشكال من الجماليات التشكيليّة للخط العربيّ، ووظّفها في منجزه البصري الحروفيّ. ويرى الخطاط أنّ ما يقوم به الحروفيّ هو زخرفات خارجة عن نظم وأصول وموازين الخط العربيّ، تغيّر شكل الحرف العربيّ ما يُفقده معناه وذاته وبنيته الشكليّة الصحيحة برأيه، هو تدخّلٌ مشينٌ بتخصّص الخطّاط وتقليدٌ لا تطوّرٌ للخط العربيّ، خاصة بوجود مقاييس ومعايير ونظم تحدد شكل وحجم الحرف، لا أحد يستطيع تجاوزها، وإلّا فقد الخط صفته. في المقابل ينظر الفنان الحروفيّ إلى الخطّاط على أنّه نسّاخ يُكرّر ما أنجزه الأقدمون، دون ابتكار أو إضافة، ما يجعله أقرب إلى الحرفيّ منه إلى الفنان[32].

خذي فرسي واذبحيها
خذي فرسي واذبحيها لوحة للفنان الاسكتلندي ايفرت باربي

 [1]الملقّب بـقِبْلَة الكُتّاب، خطّاط شهير وكاتب وأديب من أهل بغداد، رومي الأصل، من مماليك المستعصم بالله آخر خلفاء العباسيين.

من أشعاره: أروني مُرشدًا في الخط مثلي       ومَن أحيا الكتابة في البلادِ

            فلا في الشرق لي ضدٌ يضاهي     ولا في الغرب من يتّبع اجتهادي

صلاح الدين المنجد: ياقوت المستعصمي. لبنان، دار الكتاب الجديد، 1985 م، ص 35.

[2] شربل داغر: الحروفية العربيّة فن وهويّة. لبنان، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، 1990م، ص112.

[3] م.ن. ص114-115.

[4] سعيد محمد هاني: تاريخ الحروف الأبجديّة واللغة العربيّة. لبنان، دار المحجة البيضاء، ط1، 2015م، ص244-246-247.

 [5]أبو علي محمد بن علي بن الحسين بن مقلة الشيرازي، خطاط إیراني، وكان من أشهر خطاطي العصر العباسي وأول من وضع أسس مكتوبة للخط العربي.

 [6]من أبرز خطاطي العربية. ولد في بغداد؛ وسمي ابن البواب لأن أباه كان يعمل بوابًا.

 [7]ج. محراب: نتوء في منتصف جدار المسجد المواجه للقبلة يدل على اتجاهها.

[8] م.ن.ص248-249.

[9] الطومار: الصحيفة أو الورقة الملفوفة والمشدودة والمحزّمة، خط الطومار هو أحد الخطوط العربيّة، وهو نوع كبير من خط النسخ.

[10] ج. أتابك وهي كلمة مركبة من لفظين تركيين ”أتا” أي الأب أو المربي، “بِك” أي الأمير، فيكون معنى الكلمة “مربي الأمير” ثم صارت مع الأيام تستعمل لدلالات أخرى بينها الملك والوزير الكبير والأمراء البارزون الذين يمتون بصلة القرابة إلى السلاجقة والأمراء الأقوياء.

[11] م.ن.ص250-251.

[12] هو خطاط وشاعر فارسي، عاش في تبريز في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، وهو مخترع خط النستعليق.

[13] م.ن. ص252-254.

[14] أحد أبرز الخطّاطين الأتراك، عاش في القرن الخامس عشر الميلادي.

[15] م.ن. ص256-258.

[16] م. ن. ص260-261.

[17] شربل داغر: الحروفيّة العربيّة فن وهويّة. لبنان، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، 1990، ص19.

[18] رسّام ألماني (1879-1940) تتراوح أفكاره بين السرياليّة، التعبيريّة، والتجريديّة.

[19] م. ن. ص11-12.

[20] باحثة وأستاذة جامعيّة (1959)، متخصصة في اللغة العربيّة والدراسات الإسلاميّة.

[21] سوزان شكرون: علاقة الزخرفة والحروفيّة بالفنون التشكيليّة في الغرب والعالم العربي. مجلة العربي، الكويت، العدد 635، (تشرين الأول 2011م)، ص129.

[22] شربل داغر: الحروفيّة العربيّة فن وهويّة. لبنان، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، 1990م، ص40.

[23] د.محمود شاهين: الحروفيّة والحروفيون بين القديم والجديد مجلة الكويت، الكويت، العدد 293، (آذار 2008م)، ص50.

[24] شربل داغر: الحروفيّة العربيّة فن وهويّة، لبنان، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، 1990م، ص29.

[25] نهى فرّان: التراث والحداثة والفن التشكيلي في عيون لبنانيّة. لبنان، الدار العربيّة للعلوم ناشرون، ط1، 2013م، ص171- 172.

[26] شربل داغر: الحروفيّة العربيّة فن وهويّة. لبنان، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، 1990م، ص41.

[27] الطول والعرض والارتفاع

[28] سوزان شكرون: علاقة الزخرفة والحروفيّة بالفنون التشكيليّة في الغرب والعالم العربي. مجلة العربي، الكويت، العدد 635، (تشرين الأول 2011م)، ص129.

[29] د.محمود شاهين: الحروفيّة والحروفيون بين القديم والجديد. مجلة الكويت، الكويت، العدد 290، (كانون الأول 2007م) ص51.

[30] شربل داغر: الحروفيّة العربيّة فن وهويّة. لبنان، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط1، 1990م، ص61-63.

[31] م.ن. ص59-60.

[32] د.محمود شاهين: الحروفيّة في التشكيل المعاصر سجال وشكوك ومخاوف. مجلة الكويت، الكويت، العدد 293، (آذار 2008م) ص30-33.

 

 

Read Full Post »