Feeds:
المقالات
التعليقات

Posts Tagged ‘الإثارة’

mix

“عيش كتير بتشوف كتير…” هكذا أُعلّق على الظاهرة الأخيرة التي اكتسحت فايسبوك في لبنان وحازت على اهتمام وانتباه طلاب الجامعات المختلفة. القصة بدأت بالـ crushes فـ grudges وأخيرًا وصل الموضوع إلى الـ hotties .

صفحاتٌ للتسلية، للتعبير عن حبٍ، أو كرهٍ، أو لنشرِ صور طلاب وطالبات الجامعات، صور خاصّة ومثيرة أحيانًا وأخرى عاديّة. ولكن لماذا؟ لماذا ظهرت هذه الصفحات في يومنا هذا؟ ما سبب هذه الظاهرة؟ هل السبب بسيط؟! شبابٌ أصبح الفايسبوك محور أساسي في حياتهم ووجدوا في تلك الصفحات تسليةً إضافيّة لما يفعلونه على الموقع؟!
أم السبب أكثر تعقيدًا؟ هل اشتاق الشباب إلى شخصيّة “الحبيب الخجول” إذا صحّت التسمية، والذي لا يعبّر صراحةً عن مشاعره وبالتالي يلجأ إلى الكتابة دون ذكر اسمه على تلك الصفحات. شخصيّة قلّ نظيرها في عصر الوقاحة في كل شيء حتى في الحب.

لنفترض أنّ ذلك هو السبب وراء “صفحات الحب والهيام”، لماذا انتشرت في المقابل صفحات تروّج الكره أو عدم الاعجاب بالآخرين؟ هل يكون السبب أنّ الشباب تعبوا من التظاهر، تعبوا من “الوجهنة” باللبنانيّ، ووجدوا في تلك المساحة متنفّسًا لانزعاجهم من ناسٍ كثر لا يستطيعون أن يواجهونهم بذلك؟!
أمّا صفحات الـ hotties وهي الأسوأ برأيي لأنّها تتعدّى على خصوصية الشباب بنشر صورهم والتعليق عليها، حتّى أنّ الأمر يصل في بعض الأحيان إلى ايحاءات جنسيّة يمكن عدّها تحرّشًا.

لديّ فضول كبير لمعرفة من هو صاحب هذه الفكرة، من بدأ بصفحات الـ crushes وتوابعها؟ كائنًا من كان هو/هي عبارة عن شخصيّة ذكيّة، فالموضوع انتقل بسرعة البرق من جامعة إلى أخرى، ومسؤولية انتشاره تقع على عاتق الشباب الذين يتفاعلون ويعلّقون على ما يُنشر، ويمنحون تلك الصفحات حيّزًا من وقتهم يمكنهم في المقابل استثماره بأمورٍ أكثر إفادة.

فضولي دفعني أيضًا إلى انشاء استمارة بسيطة لاستطلاع آراء طلاب الجامعات بشأن تلك الصفحات. شارك حوالي ثمانين شخصًا في ملء الاستمارة الكترونيًّا، وكانت النتيجة أنّ 65% من المشاركين لا تعجبهم تلك الصفحات في مقابل 35%. لم يكن هدفي معرفة هذه النسبة التي قد لا تمثّل رأي كل طلاب جامعات لبنان، بل هدفي معرفة سبب اعجاب الطلاب أو عدمه بتلك الصفحات. تبيّن معي أنّ رواد تلك الصفحات يجدون فيها مصدرًا للتسلية عبر قراءة اعترافات الآخرين بالاعجاب أو الكره وعبر مشاهدة صور الطلاب، فيعلّقون ويضعون أسماء أصدقائهم tagging their friends””، كانت نسبة هؤلاء 48% من الذين تعجبهم الصفحات. نسبة كبيرة أيضًا من زوّار الصفحات 36% تقوم بذلك فقط بدافع الفضول.
أمّا الذين لا تعجبهم تلك الصفحات، فالسبب كان واضحًا وصريحًا عند أغلبية من ملأ الاستمارة، فكرة تلك الصفحات بأكملها سخيفة بالنسبة إليهم 46% من الذين لا تعجبهم الصفحات أجابوا بذلك. وعدد من الطلاب أجاب بأن لا وقت لديه لمثل تلك الأمور 25% أو أنّه لا يريد أن تكون تلك الصفحات ضمن الصفحات الأخرى التي يدعمها على فايسبوك 18%، فصفحات الـ crushes وتوابعها أقل شأنًا.

وفي سؤالي د. باميلا شرابية (دكتورة في علوم الأديان، باحثة، فنانة، استاذة جامعية، مؤلفة، مدوّنة، ناشطة) عن الموضوع، أشارت إلى أنّ هذه الظاهرة منتشرة في أميركا الشمالية، بريطانيا وحتّى في الهند. الشباب بحاجة إلى التعبير عمّا في داخلهم من أحاسيس ومشاعر ومشاركتها مع الغرباء. الثقة قلّ نظيرها بين الشباب ما يجعلهم في خوف من مشاركة أسرارهم بشكل واضح مع الآخرين إضافة إلى قلّة الثقة بالنفس أيضًا.

تعتبر د.شرابية أنّ أسلوب التربية المتّبع في المنزل له أهمية كبيرة، فالضغط الاجتماعي كبير جدًا في هذه الأيام، وفكرة “الرجل الخارق أو المرأة الخارقة” هي الفكرة السائدة. الجميع في خوفٍ دائم من الفشل الذي لا يعتبرونه جزءًا من حياتهم وجزءًا ضروريًّا لتكوين شخصية الفرد بل يجدون فيه مدعاةً للعار والخجل. هذا ينطبق إلى حدٍّ ما على رواد “صفحات الحب والهيام” على فايسبوك فالشباب يخافون من التصريح باعجابهم للآخر أو من التعرّض للخداع وانكسار قلوبهم ومع ذلك هم بحاجة للقيام بالتعبير عمّا في داخلهم وللبوح ومشاركة أسرارهم، فيلجؤون إلى التعبير مع ابقاء هويّتهم مجهولة. تفسير أخر بحسب د.شرابية هو شعور الشباب بالملل فيقومون بافتعال أمور لجعل حياتهم أكثر تعقيدًا وبالتالي أكثر إثارة وتسلية.
من جهة أخرى، تجد د.شرابية في صفحات الـgrudges و الـhotties عنفًا سيكولوجيًّا يُمارس عبر نشر عبارات الكره والانزعاج من الآخرين وأيضًا عبر انتهاك خصوصيّة الأفراد بنشر صورهم على الصفحات دون طلب الاذن منهم.

قد نكون أمام ظاهرة لا تستحق كل هذا التحليل والتساؤل، ولكنها ظاهرة موجودة على فايسبوك ولا يمكننا تجاهلها. لا أظن أن تلك الصفحات ستستمر طويلًا، فهي تعتمد على مشاركة الطلاب وارسال رسائل الإعجاب أو الكره أو الصور ليتم نشرها، وبالتالي نشاطها سيتوقف عند ملل الشباب من الموضوع. واللبنانيّ معروف ببحثه دائمًا عن كل جديد، إن كان مفيدًا أم لم يكن. وبالتالي لا يسعني سوى التمنيّ بأن تكون الموضة القادمة أفضل من هذه!!!

نُشِرَ هذا المقال أيضًا على مدوّنة (Red Lips High Heels)

Read Full Post »