Feeds:
المقالات
التعليقات

Posts Tagged ‘باص’

bus seats

جمعنا مقعدٌ في باص، من بيروت إلى الجبل…مساحة ضيقة أشعرتها بقربٍ إلي، فرَوَت لي قصتها…
بدأت الكلام بمجرد أن سألتها ماذا تفعل في الحياة، هل هي طالبة أم موظفة، سؤالٌ بسيطٌ كانت طرحته هي عليّ أولًا…لتجيبني بسردٍ لقصتها…

تزوّجت وهي في الثامنة عشرة من العمر ورزقت بطفلين. كانت طالبة جامعيّة في عامها الأول عندما عرض عليها الزواج، وجدته شابًّا جيّدًا، لم تفكّر كثيرًا، وافقت، تركت الجامعة، وتزوّجا. مرّت الأيام والسنوات وتغيّر زوجها، أصبح عصبيًّا ورجلًا يلجأ إلى الشتائم والضرب في تعامله معها. تحمّلته كثيرًا لأجل طفليها إلى أن وصل بها الحال إلى تركه والعودة إلى منزل ذويها.

في ذلك اليوم، يوم شاركتني المقعد، كانا قد اتفقا على اللقاء بعد انقطاع شهور، أرادت أن تحاول مجدًّدا لأجل طفليها. ذهبت إلى المكان الذي اتفقا على اللقاء فيه، فاذ به يتصل ويخبرها أنّه سيتأخر ساعة كاملة عليها، لم تحتمل الانتظار فعادت أدراجها.

اتصل بها أكثر من مرّة وهي بجانبي، لم يعجبه تصرفها، أرادها أن تنتظره، كيف تجرؤ ولا تنفّذ أمره. هدّدها اذا لم تعد بتفاقم المشاكل بينهما. أخبرتني قصتها وهي تكابر حتى لا تنهمر دموعها، ندمت على زواجٍ مبكر أوصلها لمشاكل وهموم كبيرة وهي لا تزال في الرابعة والعشرين من العمر. قالت لي أنصح كل فتاة الّا تفعل مثلي…ألّا تسارع بالارتباط….

تأسفت على حالها وأنا أرى الكثيرات من بنات جيلي يسارعن على الزواج حتى قبل انهاء دراستهن الجامعية وكثيرات يتركن الجامعة بعد الزواج.
الزواج ليس موعدًا بين حبيبين، يتغازلان خلاله ويمضيان وقتًا جميلًا. الزواج قرار يحدّد مصير اثنين ومسؤولية تجاه بعضهما وتجاه أولادهما في المستقبل.

قصة تلك السيدة تشبه قصص الكثيرات من النساء في عالمنا العربي، لم أستغرب قصتها بل ما أثار تعجّبي هو بوحها لي بكل ذلك؛ أنا الغريبة التي لا تعرف عنها أي تفصيل، شاركتني همومها.
أهو الانسان عند الضيق يحتاج إلى أخيه الانسان ليروي له فيرتاح؟ أم هي لحظات تتملّكنا فيها رغبةٌ بالبوح لأيٍّ كان حتى لعابر سبيل؟ في كل مرة أظن فيها أنّني بدأت أفهم الجنس البشريّ الذي أنتمي إليه أعود وأتفاجأ بما قد يفعله.

قد لا يكون الزواج باكرًا هو السبب الوحيد لمشاكل تلك السيدة، ولكن لا يمكننا أن ننكر أنّه يلعب دورًا كبيرًا باعتبار اّن الشاب والفتاة قد لا يكونان عند مستوى الوعي المطلوب عند اتخاذ قرار الارتباط. من الصعب علي أن أعرف نهاية القصة فلقائي صدفةً بصاحبتها قد لا يتكرر. كثرٌ يشاركونني المقعد، ولكنهم لا يشاركونني قصصهم…أمّا أنّا فأشارك قصصي معكم هنا…

Creative Commons License
مدوّنة نور زاهي by نور زاهي الحسنية is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.

Read Full Post »